في الماضي القريب عندما تتحدث عن المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية فإنك تتحدث عن التوأمين الموغلين في القدم منطقتي القطيف والأحساء كأهم المناطق المأهولة بها. في مقال سابق بعنوان "معوقات النمو في محافظة القطيف... وحلولها" ذكرت أنه مع اكتشاف البترول بدأت نهضة عمرانية في عموم بلادنا العزيزة وان مساحة محافظة القطيف تقلصت شيئا فشيئا إلى حدود الواحة الزراعية أو أقل من ذلك حتى أصبحت الآن ثاني أصغر محافظة من حيث المساحة على مستوى المنطقة الشرقية مع أن ترتيبها الثالثة على مستوى المنطقة الشرقية من حيث تعداد السكان وفق آخر تعداد سكاني رسمي.
محافظة القطيف اليوم تكاد تختنق نتيجة لتوسع المحافظات الأخرى على حسابها وما زاد من تعقيد المشكلة المساحة الكبيرة من الأراضي التي استغلت لتطوير حقل القطيف وحفر الآبار البترولية ومد أنابيب بترول عملاقة عبر المحافظة في كل الاتجاهات لربط حقول البترول والمعامل الرئيسية المختلفة بميناء رأس تنورة. كل ذلك أدى إلى ظهور مشكلة محدودية الأراضي القابلة للتطوير العمراني بالمحافظة بشكل كبير في مقابل نمو مطرد في السكان ومتطلبات النمو السكاني. محدودية الأراضي أدى إلى ارتفاع شديد في أسعارها مقارنة بالمحافظات الأخرى.
لقد تضررت محافظة القطيف في عدة أوجه منها تعثر كثير من المشاريع الحيوية رغم وجود ميزانيات معتمدة لبعضها مثل المستشفيات والجامعات والأسواق المركزية ومقرات الأندية، وكذلك تعثر المساهمات. لقد أصبح المواطنون في القطيف ضحية لأنظمة لم تنصفهم حيث أنه من الصعوبة بل والاستحالة في بعض الأحيان إخراج حجج استحكامات لبيوتهم ومزارعهم رغم وقوعها داخل حدود الواحة القديمة ووجود أوراق وربما حجج استحكامات قديمة صادرة من جهات رسمية تثبت تملكهم لتلك الأراضي.
شوارع القطيف المحورية واجهت نفس المشكلة فتجد فكرة مد شارع الرياض غربا إلى طريق الجبيل وإلى طريق أبو حدرية تتعثر نتيجة لوجود أنابيب البترول وكذلك شارع صفوى - القطيف يتأخر تنفيذه لسنوات طويلة لنفس المشكلة وعقبات أخرى كنزع ملكية العقارات الواقعة على مساره.
خلصت دراسة أجراها باحث سعودي ونشرتها "صحيفة عكاظ" مؤخرا بأن المنطقة الشرقية احتلت المرتبة الرابعة من بين إحدى عشر منطقة وطنياً في الحاجة للسكن المملوك، وهو ما يدل على أن الحاجة للسكن «المملوك» في الشرقية أكثر إلحاحا مقارنة بمعظم مناطق المملكة. وخلصت الدراسة إلى وجود حاجة ماسة للسكن لدى الشرائح الفقيرة المقيمة في 7 محافظات في المنطقة الشرقية هي حفر الباطن والخبر والأحساء والدمام والقطيف والجبيل والخفجي.
وقد كشفت الهيئة العامة للإسكان مؤخرا بأن عدد الوحدات السكنية التي تنفذ حاليا والتي تحت الترسية في مختلف مناطق المملكة بلغ حتى الآن أكثر من «15.891» وحدة سكنية منها «1،501» وحدة في المنطقة الشرقية، موزعة على ثلاثة مشاريع هي مشروع حفر الباطن بعدد «900» وحدة سكنية، ومشروع الخبر بعدد «272» وحدة سكنية، ومشروع الأحساء بعدد «329» وحدة سكنية.
أرجوا أن لا تعيق مشكلة الأراضي بمحافظة القطيف مرة أخرى تنفيذ مثل هذه المشاريع الحيوية التي هي بأمس الحاجة إليها خصوصا مع إعلان أمانة الدمام مؤخرا بأنها لم تسلم هيئة الإسكان أية أراضي لتنفيذ مشاريع الوحدات السكنية للمواطنين في القطيف والدمام بسبب عدم توفر أية مواقع، وتصريح الهيئة بأن توفير الأراضي اللازمة لبناء وحدات سكنية للمواطنين هو من مسئولية الأمانة. أرجوا أن تقوم الأمانة باللازم لحل هذا الإشكال في القريب العاجل.
محافظة القطيف بحاجة ماسة للاهتمام والتعاون بين وزارة الشئون البلدية والقروية ووزارة البترول لإيجاد حلول عاجلة لندرة الأراضي القابلة للتطوير بالمحافظة. الحل ينبغي أن يشمل إعادة النظر في حدود محافظة القطيف وتوسيعها شمالا وغربا بشكل يتماشى مع حاجات النمو السكاني الطبيعي على المدى المنظور، وإعادة النظر في قوانين البناء المعمول بها حاليا بالمحافظة، وكذلك الحد من الآثار الناتجة من وجود المنشآت البترولية.
ينبغي التحرك الجاد من أمانة الدمام بتطوير ضاحية القطيف، واستعادة أراضي استراحات الأوجام لاستعمالها كمواقع لبعض المشاريع الحيوية الملحة، واختيار مواقع أخرى غرب المحافظة لتطويرها كمدن جديدة لتستوعب النمو العمراني المتوقع خصوصا مع تقلص مساحة خليج تاروت نتيجة للدفن الجائر والقرار الحكيم بوقف دفن البحر. يحدوني الأمل بأن تلقى هذه الدعوة عناية المسئولين وأن تأخذ طريقها للتنفيذ بالسرعة الممكنة لما فيه من تحقيق المصلحة العامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك في الحقل بالأسفل ، وذلك بعد اختيار عنوان URL ، واكتب بريدك الالكترواني مكان الرابط ، او يمكنك اختيار مجهول ، وكتابة اسمك ضمن التعليق ..