الثروات الطبيعية هي أحدى المقومات الرئيسية للدول، وقد حبا الله سبحانه وتعالى بلادنا العزيزة بثروات وافرة من زراعة وأسماك ونفط وغاز. ما يؤسف له التأثير السلبي الكبير الذي أحدثه اكتشاف النفط والغاز الناضب على الثروات المتجددة كالأسماك نتيجة للردم الغير مقنن للسواحل والصيد الجائر، والزراعة نتيجة لإهمالنا لهذه الثروة وتوجهنا لوظائف أسهل وذات دخل أفضل أو نتيجة للجفاف.
البحر ثروة طبيعية فهو مصدر غذائي هام ومصدر لمياه الشرب وخصوصا في دول الخليج العربي. نفوق الأسماك ظاهرة كونية يتكرر حدوثها في كثير من البلدان لأسباب متفاوتة تشمل التالي:
• ظاهرة المد الأحمر: ظاهرة طبيعية معروفة في العالم على تفاوت في قوتها، تحدث نتيجة لتكاثر الطحالب البحرية فتحجب الضوء والهواء مما يتسبب في نقص الأكسجين الذائب في مياه البحر وبالتالي نفوق الأسماك. بسبب هذه الظاهرة تلقي الأمواج بكميات متفاوتة من الأسماك على امتداد السواحل غطت عام 2000 ميلادية عدة كيلومترات من سواحل منطقة البركة في خليج عمان.
• ارتفاع درجات الحرارة: ظاهرة طبيعية معروفة وخطورتها تزداد في المياه الضحلة المغلقة وشبه المغلقة. مع ارتفاع الحرارة تتكون تيارات مائية ساخنة وتتبخر المياه السطحية وتزداد الملوحة ما يسبب ضيقا للأسماك الصغيرة فتنفق.
• رمي المخلفات في البحر: نتائجه شديدة الخطورة وخصوصا في البحار المغلقة وشبه المغلقة وله عدة أمثلة منها رمي البواخر للمخلفات الضارة كالمواد الكيماوية، والتسرب النفطي وتسرب المياه العادمة الغير معالجة من المصانع ومحطات الصرف والتحلية.
• الكوارث الطبيعية: خير مثال على ذلك ما حدث مؤخرا على شواطئ كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية من نفوق أعداد ضخمة من الأسماك نتيجة لأمواج تسونامي اليابانية.
ماذا عن مشكلة نفوق الأسماك بمحافظة القطيف "خليج تاروت"؟ وما العمل لحماية الثروة السمكية؟
الخليج العربي من أغنى المواقع بالثروة السمكية وشواطئ القطيف من أخصب المواقع على مستوى العالم لما تتميز به من كثافة في أشجار القرم "المانجروف" ومياه وتربة مناسبة لتوالد وتكاثر الأسماك. هذه الشواطئ تعرضت للزحف العمراني ما أدى إلى تدمير أغلب أشجار القرم. كذلك فإن مياه الخليج قليلة العمق وقد أدى الردم في الشريط الممتد من الخبر مرورا بالدمام والقطيف الى رأس تنورة ان أصبحت المياه ضحله جدا في أغلب مناطقه الساحلية وخصوصا خليج تاروت شبه المغلق.
كشف تقريرا نشرته مؤخرا جريدة أرامكو السعودية "القافلة" بأن أشجار القُرم المنتشرة على شواطئ القطيف لم يبق منها إلا 10% فقط من إجمالي غابات القرم الأصلية، أي أن 90% من اصل 622 هكتارا من مساحة الغطاء الذي كانت تشكله أشجار القرم في خليج تاروت فقدت في العقود الماضية بفعل التلوث والردم الجائر والتجريف والتنمية العمرانية. تسبب ذلك في القضاء على المكونات الطبيعة والبيئات البحرية العريقة وبالتالي القضاء على نوعيات معينة من الأسماك والروبيان.
أشجار القرم تلعب دورا كبيرا في حماية السواحل من الأمواج العالية، وحماية مياه البحر بحجز المواد الملوثة والأوساخ المجروفة من اليابسة، فضلا عن أهميتها في خلق التوازن البيئي بدءا من جذورها المتشابكة المغمورة في المياه إلى أوراقها الكثيفة المكشوفة للهواء. هذه الأشجار هي إحدى "الكائنات المنتجة الأولى" لسلسلة الغذاء، وتلعب دورا هاما في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتوفير الأكسجين الضروري للإنسان والحيوان.
أغلب الظن أن النفوق المتكرر للأسماك في محافظة القطيف هو بسبب الردم المستمر للشواطئ ما أدى الى ضحالة عمق المياه فيها وازدياد تأثير ارتفاع درجات الحرارة الشديد عليها. ما حدث في القطيف مؤخرا هو نتيجة لإغلاق حوض بحري ضحل بالردم دون وجود فتحات بسعة كافية لضمان حركة تدوير المياه مما تسبب في نقص كميات الأكسجين وبالتالي نفوق الأسماك.
علينا كمواطنين ومسئولين مهام كبيرة للحفاظ على البيئة البحرية بما تحتوية من ثروات طبيعية فهى إرثنا للأجيال القادمة، يقول تعالى: "كلوا واشربوا من رزق الله ولاتعثوا في الأرض مفسدين". يتم ذلك بالإلتزام بعدة أمور أهمها التالي:
• وضع إستراتيجية للشواطئ تشمل التوقف عن ردم البحر لأغراض التمدد العمراني، مع السماح بردم البحر في نطاق محدود جدا لإقامة المنشآت الحيوية كالمستشفيات والمتاحف والجسور والواجهات البحرية ومختلف المنشآت السياحية/الترفيهية. يلزم ذلك عمل دراسات بيئية من قبل ذوي الاختصاص لضمان حماية البيئة البحرية وما تبقى من أشجار القرم.
• العمل على إيجاد أراضى بديلة واسعة لحل مشكلة التمدد العمراني في محافظة القطيف من خلال إنشاء مدن جديدة غرب المحافظة على امتداد طريق أبو حدرية.
• العمل على حماية ما تبقى من أشجار القرم من الانقراض مع زراعة المزيد منها على امتداد شواطئ المنطقة، والعمل على حماية البحر من التلوث وتكثيف الرقابة على المخالفين.
• دراسة ظاهرة نفوق الأسمك المتكررة لتحديد الأسباب بشكل علمي دقيق واتخاذ الاجراءات التصحيحية المناسبة لمنع أو التقليل من حدوثها.
• علينا كأفراد فهم القوانين المعنية بحماية البيئة والعمل على تطبيقها ومنها عدم رمي المخلفات على الشواطئ وفي الحدائق والشوارع. علينا أن نعي بأن الحفاظ على البيئة واجب ديني وأخلاقي يعكس ثقافة المجتمع ووعيه.
• على الشركات التوقف عن رمي المخلفات كالأخشاب والعلب الفارغة وأكياس البلاستك وغيرها في البحر لما تسببه من دمار للبيئة البحرية ومناطق تغذية الأسماك.
• على الصيادين استخدام الأدوات الصديقة للبيئة والتوقف عن الصيد الجائر ورمي المخلفات وشباك الصيد والحبال في عرض البحر.
أخيرا دعوها تتكاثر فاستمرار ردم البحر وما يتبعه من تدمير أشجار القرم، إضافة للصيد الجائر وزيادة معدلات التلوث البحري، كل ذلك يشكل تهديد خطيرا وكبيرا على حياة الكائنات البحرية ومخزون الثروة السمكية. علينا أن نطبق ونلزم الآخرين بتطبيق القوانين واللوائح الدولية الملزمة لحماية البيئة البحرية من الدمار كونها احد مصادر الثروة الغذائية الهامة لبلادنا العزيزة
الكل يكتب ويتكلم ولا كن القليل من يعمل بيدة ورجلة من اجل المحافظة على القطيف
ردحذفللاسف اين خدماتك في المجتمع كنت عضو سابق في الزواج الجماع وفشلت وتريد ان ينتخوبك المجتمع وللاسف هناك بعض من يتلبس بالتدين يدعمه بقوة وهو الاخر ماذا عمل وااله يعني اهل القطيف أذا فاز هذا الرجل يخدمون مصالحهم الشخصية فقط
ردحذف