قرأت خبر نقل "سوق واقف" من الموقع السابق العشوائي إلى موقع سوق الخميس القريب منه وأنا هنا أسجل تأييدي لفكرة النقل هذه.
ولكن ماهي "سوق واقف" بالقطيف وكيف نشأت؟ وهل قدمت بلديتنا الموقرة حلا شاملا لترتيب هذه السوق بالشكل المطلوب والمقبول؟
تميزت الحركة التجارية في القطيف قديما بالأسواق المنظمة مثل "السكة العودة" و"سكة الحرية" جنبا إلى جنب مع الأسواق شبه النظامية والأسواق الشعبية مثل "سوق الجبلة" التاريخي وأسواق اللحوم والأسماك والفواكه والخضار. إضافة لذلك يوجد في المحافظة واحد من أشهر الأسواق الشعبية بالمنطقة وهو السوق التاريخي الذي ينعقد أيام الخميس من كل أسبوع والمشهور ب"سوق الخميس" وهو مازال مستمرا حتى وقتنا الحاضر.
مع تطور الزمن اتخذت البلدية بعض الإجراءات لتنظيم الأسواق الشعبية حيث أوجدت مقرا رسميا لسوق الخميس الشعبي، ثم قامت برصفه وانارته وتوفير مظلات خرسانبة ودورات مياه، كما عملت على مراقبة المعروضات في السوق وخصوصا المواد الغذائية.
مع ازدياد إعداد السكان واتساع العمران انتشرت أسواق شعبية يومية متنقلة في جميع إنحاء المحافظة. غير إن الحاجة الملحة لوجود موقع ثابت لبيع الأثاث والأجهزة المستعملة وما إلى ذلك أدى لتكون سوق يومي أطلق عليه لاحقا "سوق واقف" بدأ صغيرا حتى انتهى به المطاف إلى موقع ترابي شمال سوق الخميس الشعبي حيث اتسع أكثر وأكثر في المساحة والمعروضات ليشمل جميع ما يحتاجه الناس من مأكل وملبس وكماليات.
مع الوقت أصبح سوق واقف جزءا مكملا لمعيشة المواطنين وحاجاتهم. فلو ألقينا نظرة على بعض تفاصيله نجد إن اغلب الباعة في السوق هم من المواطنين ذوي الدخل المحدود سواء كانوا آباء يعيلون أسرا متعددة الأفراد أو شباب مكافحين وجدوا في السوق حلا ولو مؤقتا لحين توفر فرص عمل مناسبة على الرغم من أن البعض منهم لديهم مؤهلات علمية. كما نجد تنوع في رواد السوق من ميسوري الحال الذين يجدون ما يحتاجونه من بضائع بأفضل الأسعار أو من ذوي الدخل المحدود الذين يجدون في سوق واقف أسعار أكثر قبولا لديهم.
الأسواق الشعبية متواجدة في كثير من دول العالم. فمثلا تكاد لاتخلوا مدينة أو بلدة هولندية من موقع يطلق عليه "السوق الكبير" وهو سوق شعبي منظم ونظيف يباع فيه تقريبا كل شيء، من أثاث المنازل المستعملة والكماليات إلى الفواكه والخضروات والأسماك. كما تجد في اسبانيا واستراليا مثلا أسواق شعبية متنقلة تعقد يوميا أو اسبوعيا داخل المدن، تتسم هذه الأسواق بالتنظيم وتعد إحدى سمات الاقتصاد والسياحة لهذه البلدان.
تأييدي لنقل سوق واقف إلى موقع سوق الخميس ينطلق من عدة أسباب من أهمها كون سوق واقف غير نظامي ومرتع للعمالة الوافدة السائبة ولبيع المواد المخلة بالآداب. كذلك وجود سوق واقف في موقع يخلوا من مقومات السلامة، فالموقع عشوائي جدا، غير منظم وغير مرصوف، وملئ بالأتربة والغبار، ويخلو من المظلات ودورات المياه ومراقبة المعروضات.
لكن قرار البلدية بنقل سوق واقف أتى ناقصا، فهو في الواقع لم يوفر حلا جدريا للمشكلة. ما حدث إن البلدية وفرت مواقع في سوق الخميس لبعض أنشطة سوق واقف لقاء دفع أجارات باهظة نسبيا وأجبرت البعض الآخر وبالخصوص بائعي المواد الغذائية على التوقف عن البيع أو الانتقال لممارسة إعمالهم في الأسواق الرسمية. ولكن هؤلاء الباعة لم يوافقوا على ذلك إما لعدم توفر مواقع لهم في الأسواق الرسمية أو لعدم مقدرتهم على دفع الأجور الباهظة للبلدية. نتيجة لذلك انتقل هؤلاء الباعة الى مواقع عشوائية أخرى واستمروا في البيع في نفس ظروف سوق واقف.
المشكلة التي يواجهها المواطنين في محافظة القطيف إن كل الأسواق الرسمية الخاضعة للبلدية بما فيها أسواق الأسماك والفواكه والخضروات تنعدم فيها متطلبات السلامة مع كون سوق واقف الأسوأ. كما إن الأسواق العشوائية لا تقتصر على سوق واقف بل أصبحت منتشرة بين الأحياء وعلى جوانب الشوارع.
لاشك إن خطوة البلدية هي في الاتجاه الصحيح ولكن ذلك يتطلب خطوات عاجلة أخري منها:
- تخفيض الأجور في الأسواق التابعة للبلدية مراعاة لوضع البائعين المادية والأسرية.
- تشديد الرقابة على العمالة الوافدة السائبة لمنعها من مزاولة أي نشاط في هذه الأسواق واتخاذ الإجراءات النظامية بحقها.
- العمل على إعادة إنشاء أسواق البلدية بشكل حضاري يتناغم مع التطور الحاصل في المنطقة.
- تطوير جزء من موقع سوق الخميس بشكل يلاءم متطلبات بيع المواد الغذائية لتوفير خدمة متكاملة للبائعين ورواد السوق وليكون موقع دائم ومناسب لسوق واقف مع مراعاة اصول السلامة والنظام والرقابة الوقائية.
- فتح أسواق فرعية في الأحياء الكبيرة للمدن لبيع الأسماك والفواكه والخضروات بايجارات مناسبة
- حصر الأسواق الشعبية بحيث يقتصر ذلك على موقع واحد لكل مدينة او بلدة مع تنظيمها في ساحات مناسبة يراعى فيها اصول السلامة والنظام والرقابة الوقائية.
شكرا جزيلا على الموضوع
ردحذف