الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

الكتل العمرانية... دماغ وقلب ورئة



الكتلة العمرانية تبدأ كتكتل من مجموعة بسيطة من المنازل ثم تتطور عبر الزمن إلى أن تصبح قرية أو بلدة أو مدينة تماما كما ينمو جسم الإنسان عبر مراحل حياته. يحتوي جسم الإنسان على مجموعة من الأجهزة تختلف حسب أهميتها في الحفاظ على نمو الجسم وسلامته من أهمها الدماغ والقلب والرئة، والكتل العمرانية تتشابه مع جسم الإنسان فهي أيضا يجب إن يكون لها دماغ وقلب ورئة سليمة كي تحافظ على نموها في الاتجاه الصحيح.
كانت الكتل العمرانية في الماضي تنمو وتتوسع عشوائيا دون وجود أي خطة توجه نموها توجيها سليما، غير أن الإنسان مع التطور العلمي أدرك أهمية وجود خطة لتوجيه ذلك النمو في الاتجاه الصحيح الذي يخدم حاجات السكان وأنماط الحركة المختلفة داخل كل كتلة عمرانية من جهة والبينية مع الكتل العمرانية المجاورة من جهة أخرى.
ويتمحور الدماغ في الكتلة العمرانية في البلدية والأمانة كما هو حال الدماغ في جسم الإنسان، فان الدماغ السليم في الكتل العمرانية يستلم المعلومات ويحللها ثم يضع الخطط ويصدر الأوامر. كما يتمحور القلب في المركز التجاري، كما هو شأن القلب في جسم الإنسان، فان القلب السليم في الكتل العمرانية يتم فيه النشاط التجاري داخل كل كتلة عمرانية من جهة والبينية مع الكتل العمرانية المجاورة من جهة أخرى. أما الرئة في الكتلة العمرانية فتتمحور في المتنزهات ومدن الألعاب والأماكن العامة، كما هو الحال مع الرئة السليمة في جسم الإنسان، فان الرئة في الكتل العمرانية يتركز فيها النشاط الاجتماعي داخل كل كتلة والبينية مع الكتل العمرانية المجاورة من جهة أخرى.
هل يوجد لدينا أجهزة دماغ وقلب ورئة سليمة في كل قرانا وبلداتنا ومدننا؟
أستطيع الجزم، أنه على الرغم من وجود بعض المحاولات لتوفير تلك الأجهزة في بعض مدننا، إلا أننا نفتقد حتى الآن لمثل هذه المقومات الأساسية في كتلنا العمرانية حيث يندر أن تجد دراسات تخطيطية تحدد نمط النمو في السنوات العشرين القادمة مثلا، وحتى في حالة وجودها فإنها تكون في الغالب خطط قديمة عفى عليها الزمن ولم تعد صالحة للتطبيق العملي، فعندما تدخل أي من مدننا لا تجد دماغ بل تجد في الغالب مكتبا لإصدار تراخيص البناء في مخططات متجاورة لا ترابط بينها، كما لا تجد قلبا نابضا بل شوارع بأنشطة تجارية مبعثرة ويندر أن تجد متنزهات ومدن ألعاب وأماكن عامة بالقدر الكافي الذي يستوعب النمو في الأنشطة الاجتماعية المختلفة إضافة إلى ذلك فان بعض قرانا وبلداتنا تتلاصق مع بعضها البعض بشكل عشوائي نتيجة للنمو الطبيعي الغير مدروس مما يؤدي إلى تكون مدينة تفتقر الى دماغ وقلب ورئة سليمة أو حتى اسم موحد يحتويها.
وهنا أتوجه لمقام وزارة الشئون البلدية والقروية بالمقترحات التالية:
أولا: الإسراع في تزويد الأمانات والبلديات بما تحتاجه من الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية والموارد المالية الكافية لتمكينها من القيام بدورها المطلوب لكي تتمكن من وضع خطط عمرانية لعموم القرى والبلدات والمدن تتم مراجعتها بصفة دورية لضمان التحديث المستمر لها وكذلك وضع الآليات المطلوبة لضمان تطبيق هذه الخطط على أرض الواقع.
ثانيا: العمل على إيجاد مراكز تجارية حديثة واضحة المعالم في كل قرية وبلدة ومدينة وكذلك إيجاد مراكز مصغرة في الأحياء الكبيرة داخل المدن لتسهيل حصول الأهالي على احتياجاتهم اليومية دون عناء أو تزاحم. وهنا أحب أن أؤكد على ضرورة الحفاظ على مراكز المدن القديمة ان وجدت على ما هي عليه مع بعض التنظيم لتكون أحد المعالم السياحية في تلك المدن، كما أؤكد على أهمية النظر للبلدات المتلاصقة على كونها مدينة وليدة ووضع خطط دمج لها وتسمية جديد تجمعها.
ثالثا: العمل على إيجاد متنزهات مركزية وأخرى فرعية وواجهات بحرية ومدن للألعاب والأماكن العامة في كل قرية وبلدة ومدينة وكذلك إيجاد مساحات رياضية مصغرة في الأحياء الكبيرة داخل المدن لخدمة الأهالي.
لقد سلكت بلادنا العزيزة سلم التطور ولا ينقصنا المال ولا الكفاءات فجميعها متوفرة ولله الحمد وما نحتاجه هو حسن إدارة وتوجيه للموارد المالية والبشرية والاستفادة منها بأقصى ما يمكن وذلك سيمكننا إن نشاء الله من النهوض بكتلنا العمرانية لتضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة والبلدان الخليجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك في الحقل بالأسفل ، وذلك بعد اختيار عنوان URL ، واكتب بريدك الالكترواني مكان الرابط ، او يمكنك اختيار مجهول ، وكتابة اسمك ضمن التعليق ..